تاريخ اهل البيت في الصراع مع السلطة الظالمة الامام الحسين

الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة:
إن معاوية بن أبي سفيان سن في الإسلام سنة سيئة أن جعل الملك في ولده، واتخذ هذا دون رضى من الناس ولا مشورة منهم، وإنما أعمته جاهلية بني أمية وأخذته العزة بالإثم، فلا داعي ليترك الملك لابنه إلا من قبل رغبة بني أمية في التسلط على الناس منذ أيام الجاهلية، ففي كتاب الفتن لنعيم بن حماد:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةً تُفْسِدُهُ، وَآفَةُ هَذَا الدِّينِ بَنُو أُمَيَّةَ».
وسبحان الله إن معاوية بعد أن أفسد سنة الحكم في الإسلام سلط على الأمة سفيها تافها، إنه ابنه يزيد الذي لم يرض به غالبية المسلمين، وإنما رضي به حاشيته الفاسدة التي استفادت من سلطته، ولقد كان الحسين رضي الله عنه أول من أعلن رفضه لبيعة يزيد بن معاوية وأعلن هذا بتوجهه للعراق.
فما الذي أراده الحسين من العراق؟ لقد أراد أن يأخذ القيادة بنفسه لإيقاف الفساد الذي أدخله معاوية للأمة بعد أن نصب ابنه ملكا، لقد أدرك الحسين رضي الله عنه أن مرحلة حكم يزيد ستكون من أسوء المراحل في الإسلام لهذا تصدى للأمر بنفسه، وقرر أن يرفع عنه غبن هذه البيعة الجائرة الفاسدة التي جاء بها الملوك،  واستعان بأهل العراق على ذلك، ولكنهم أيضا لا يختلفون عن بني إسرائيل، فقالوا للحسين اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.
لقد سن الحسين رضي الله عنه طريقا يكون بمثابة إشارة إلى كل الذين أرادوا التحرر، تلك الطريق تضمنت مفهوما واحد وهو أن لا تتنازل بسبب الخوف أو الطمع على ما تؤمن به.
لقد كان مقتنعا أن ما قام به معاوية خاطئ وأن يزيدا غير صالح، وأن الرضى بهم سيفقد الأمة الكثير من هويتها، فلو رضي به الحسين لتفشى في الأمة مرض سيجعل نهايتها حتمية وهو الرضى بالسفهاء من الناس ليكونوا في أعلى مراتب السلطة.
قبولهم وحده كفيل بإغراق الأمة في مشاكل لا يمكن أن تتحسن معها الأمة، بل سوف يزداد حالها سوءا، وهذا ما أثبته يزيد، فقد نقل صاحب كتاب العواصم والقواصم نقلا عن ابن حزم قال في يزيد بن معاوية ما لفظه: بويع يزيد بن معاويةإذ مات أبوه، وامتنع من بيعته الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير بن العوام، فأمَّا الحسين رضي الله عنه، فنهض إلى الكوفة، فقُتِل قبل دخولها، وهي ثانية مصائب الإسلام وخرومه، ولأن المسلمين استضيموا في قتله ظلماً علانية، وأما عبد الله بن الزبير بن العوَّام، فاستجار بمكة، فبقي هنالك  إلى أن أغزى يزيد الجيوش إلى المدينة، حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى مكة حرم الله عز وجل، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار يوم الحرة، وهي ثالثة مصائب الإسلام وخرومه، لأن أفاضل الصحابة وبقية الصحابة رضي الله عنهم وخيار التابعين قُتِلَوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً، وجالت الخيل في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الأيام، ولا كان فيه أحدٌ حاشا سعيد بن المسيب، فإنه لم يفارق المسجد، ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان، ومروان بن الحكم له عند مسلم بن عقبة بأنه مجنونٌ لقتله، وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية، على أنهم عبيدٌ له، إن شاء باع، وإن شاء أعتق، وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن فأمر بقتله فضُرِبَتْ عنقه صبراً رحمه الله.ج8 ص 37
أما إن سكت الحسين عن يزيد بن معاوية هل كان سيتوقف ؟ لا أبدا وإنما طبع الكبر والبطر يتملكه، وماكان ليوقفه بل كان سيحدث مجازر في مناطق أخرى من العراق ومصر ممن كان فيه من شيعة الإمام علي، لهذا فإن موقف الحسين لم يترك مجالا أمام علماء البلاط ليستخدموا الدجل والكذب على الناس ليقولوا هذا الحسين بن علي بايع ورضي فكيف لا تبايعون ولا ترضون؟ لهذا تعتبر حكاية الإمام الحسين مثلا يقتدى به لكل إنسان يطلب الحق والعدل، وبفضل تضحية الحسين انتقل الدور إلى المدينة المنورة ثم إلى مكة بقيادة ابن الزبير، ثم بالعراق بقيادة الصحابي سليمان بن صرد قائد جيش التوابين..

لقد أعلنت الأمة رفضها لمشروع الرجل السفيه، مشروع الرجل الطاغية الذي أرادت بنو أمية تصويغه للأمة، وسرعان ما هلك يزيد بطريقة غريبة، ربما قتله بنو عمومته لكي يحكموا هم، فقد أدركوا أنه لا يستطيع التعامل مع الأمور، واستولى على الحكم رجل أشبه باليهود بل وأكثر منهم مكرا، إنه مروان بن الحكم صاحب البلاء الأعظم فلا توجد فتنة في الإسلام إلا وهو فيها، وكان يخالط علماء السلطان كثيرا، وبل كان يعلمهم بعض أصول أفكاره التي أسست لمذهب السلطان بعد أن تغلب هو على الحكم بالقوة فاحتاج لمذهب يبرر شرعية حكمه ألا وهو مذهب الإمام الجائر المتغلب على الأمصار الذي كان يتجسد في شخص مروان بن الحكم الذي أخذ البيعة لنفسه، ولكن تصدى الكثير من أهل البيت والعلماء الذين أحاطوا بهم من أصحاب الإمام علي لهذا الفكر السقيم الذي أظهره مروان بن الحكم، وكان المتحدث به الحجاج بن يوسف الثقفي فنتج عن هذا مواجهة سميت بثورة ابن الأشعث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق