المهم أن التشاور بين
الناس هو ما يولد هذا الخير والدفئ وسط التجمعات البشرية، فلا يبخل الناس على أنفسهم
بهذا الخير، وحبذا لو اتخذ من كل مسجد مكانا للتجمع والتشاور حول شؤون الناس في كل
منطقة محددة من أجل أن يجعلوا عليهم قائدا من أنفسهم وليس من صلب أشخاص غير
معروفين.
ثم تعين كل منطقة عريفا
عليها يكون بمثابة القائد المخول بالدفاع عنهم وعن حقوقهم، وهذا العريف سيكون هو
السفير عنهم في الشورى العظمى التي يخرج عنها الخليفة الذي سوف ترضاه الأمة، ولقد
ركزت أولا على العلم ليكون الأساس الذي يختار عليه الناس العرفاء، فيجب أن يعرف كل
إنسان عريفه معرفة شخصية تمكنه من اختياره وهو مسؤول أمام الله على هذا الاختيار،
لهذا يجب أن يكون العرفاء معروفين للناس معرفة شخصية.
قد لا يعرف الناس شخصية
الخليفة مباشرة ولكنهم يعرفون أناس خير فيبايعونهم كأن يكونوا أئمة أو علماء
صالحين مشهود لهم بالخير والعلم والصلاح، وعندما يبايعهم الإنسان يبايعهم على علم
بحالهم شخصيا لأنه سيكون بعدها مرتبطا بطاعتهم والعمل معهم والقتال معهم والجهاد
معهم، وهذه كلها أمور مصيرية ولا تستقيم لإنسان إلا من كان معه علم كاف يمكنه من
الاختيار الصحيح، وسيكون العرفاء مسؤولين أمام الله عن اختيار خليفة يحكم رقاب
المسلمين.
وهذا ما أقصده بالنظام
الهرمي، وسيكون عدد العرفاء ورتبهم مرتبط بعدد الناس وأماكن تواجدهم، وسيكون
العرفاء بمثابة الأمراء على مناطقهم قبل اختيار الخليفة، وعند اختيار الخليفة
يتحول دورهم إلى لجنة مسؤولة عن التشاور مع الخليفة ومراقبة نشاطه وحقوق الرعية
التي تتواجد في مناطقهم ليكونوا بمثابة الضامن لعدم حيف السلطان.
والفرق بين هذا والنظام
الديموقراطي الغربي هو كون أن البيعة تلزم الناس الطاعة عكس الأصوات في الصناديق
فهي أصوات مجهولة المصدر لا تلزم أصحابها، أي نوع من المتابعة عليها، بينما البيعة
تؤخذ بالرضى على السمع والطاعة وتلزم أصحابها لكي لا يكون هنالك تهرب ولكي لا يسقط
النظام الذي بني، لأن أهم شيء في النظام الهرمي الشعب الذي يمثل القاعدة، فسقوط
القائد وهو أعلى الهرم يمكن تعويضه ولكن سقوط القاعدة تعني سقوط كل الهرم، لهذا
يجب أن تكون البيعة ملزمة لكل من بايع وهو راض. وهكذا يمكن بناء نظام قوي ولكنه
غير ظالم عكس نظام قوي ظالم.
ولكن على الناس المشاركة
بعد أن يعمل العلماء على تعليم الناس حقوقها وما عليها اتجاه النظام السياسي.
ومن قال نكتفي بالنظام
الغربي فأقول أن هذا عبث، فالغرب أناس كفار لاهم لهم إلا الدنيا، ونحن أناس نريد
الآخرة، فعند اختيار شخص علينا أن نكون نعرفه معرفة شخصية تورث عندك قناعة بصلاح
هذا الشخص فتحمله على رقبتك وأنت متاكد أنه سوف يصون الأمانة ويحفظها لما لديك من
علم حوله جاءك عن طريق التجربة الشخصية أو عن طريق الأشخاص الذين هم محل ثقتك، وفي
حياة الجميع هنالك شخص نثق فيه ونأمنه على أنفسنا فبايع ذلك الشخص على أن تطيعه
وتسمع كلامه وتسالم من يسالم وتبايع من يبايع، وذلك الشخص سيكون سفيرك في البحث عن
الخليفة الذي سيكون خليفتك الذي يجب أن تطيعه وتسمع له.
ولكن على صعيد تطبيق هذا
النظام الهرمي يمكن إعداد لاوائح بعد إحصاء التجمعات السكانية للمسلمين ويحدد
الناس رؤوساء أحيائهم وهم الذين يكونون مسؤولين عن اختيار رؤوساء البلديات، وهؤلاء
مسؤولين عن اختيار العرفاء الذين ينصبون كبير العرفاء الذي سوف سيكون أحد
المشاركين في اختيار الخليفة باختلاف المناطق في العالم الإسلامي.
ربما يصل عدد العرفاء إلى
المئات أو الآلاف ويتطلب أياما لإعلان الخليفة، ولكن لا مشكل في بعض التأخر لأيام
بينما ينوب عن الخليفة الأول رجل يعينه الخليفة لمدة قصيرة حتى يتم تسمية الخليفة
الآخر.
وربما هنالك آليات كثيرة،
المهم أن تكون متضمنة للبيعة الملزمة لصاحبها
والشورى ورضى الناس، وإذا
توفرت هذه الشروط فلا ضير كيف تكون الآليات،
فقد تتعد الآليات مع تطور
الإنسان، المهم أن يكون الإنسان مسؤولا تماما عن اختياره لكي يدافع عنه ويقاتل من أجل
ما يؤمن به، ويكون قد شاور فيه الناس ورضوا به لكي لا يخرج أي خارج من الخوارج
ويقوم بسرقة حق أمة محمد في اختيار الخليفة، فهذا الحق أعطاه محمد بن عبد الله صلى
الله عليه وسلم لأمته ولعنة الله على من سرق و من يسرق من هذه الأمة حقها.
وأخيرا أود التنبيه إلى
موضوع مهم جدا وهو حول الانتخابات على الطريقة الغربية هل تتوافق مع التصور الإسلامي
للسياسة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق