من هم أولا أهل البيت؟ هم
نساؤه، هذا لا يجادل فيه إلا منافق، فالآية صريحة واضحة خصت النساء أولا بالذكر،
ثم رسول الله تدارك فاطمة وعليا والحسن والحسين في حديث الكساء المشهور، ولو أردنا
أن نفهم من الأحاديث فإن أهل بيت رسول الله الذين وردت فيهم فضائل خاصة دون غيرهم
فهم نساؤه وفاطمة وعلي والحسن والحسين.
نساؤه هن أمهات المؤمنين،
والأم هي مدرسة أبنائها، فالتنزيه واجب بعد الامتحان، وقد ابتلى الله قلوب نساء
النبي، فلما صبرن كرمهن الله بأنهن الأمهات، أما إن النسل النبوي لا ينقطع، وإن
رسول الله أراد أن يبارك الله في ولد فاطمة ويجعل من الحسن والحسين سبطي الأمة كإسماعيل وإسحاق يخرج منهما
أئمة كبار كما خرج من إسماعيل وإسحاق أنبياء كثر، وكان ذلك ما كتبه الله، فالتكريم
الذي اختص به أهل بيت رسول الله من ولد فاطمة هو أن جعل نسبهم مستمرا غير منقطع إلى
قيام الساعة، وجعل منهم أئمة يهدون الناس كنجوم الليل كلما اختفى إمام أرسل الله آخر
حتى يكون آخرهم المهدي.
لا نقول فيهم ما قالت الشيعة
ولا نحصرهم في 12 وإنما هم كثر ولا عصمة لهم ولا وحي لهم، وإنما تعلموا الحق
وعملوا به تعلموا القرآن وعملوا به، وجاهدوا في الله حق جهاده، وأرادوا إحياء سنة
رسول الله وإماتة الباطل، والقضاء على الجور وحث الناس على التحرر منه، وهم في أمة
محمد كأصحاب عيسى في بني إسرائيل، وهم العترة المرافقة للقرآن، ولأن القرآن
والسلطان افترقا فهم رضوا أن يكونوا مع القرآن لا مع السلطان، لهذا وكل من كان
معهم فهو من أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم.
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لِأَهْلِهِ، فَذَكَرَ عَلِيًّا
وَفَاطِمَةَ وَغَيْرَهُمَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا مِنْ أَهْلِ
الْبَيْتِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، مَا لَمْ تَقُمْ عَلَى بَابِ سُدَّةٍ، أَوْ
تَأْتِ أَمِيرًا تَسْأَلُهُ» ".
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ
فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
في هذا الحديث القيم يبين
لنا رسول الله أن دور أهل بيته هو أن يمثلوا الخط المناهض للباطل الذي لا يرضى
بمخالطة السلاطين كما فعل رهبان السوء، وكل من شاركهم في هذا الدور سيكون من أهل
بيت رسول الله وسيكون أيضا ممن سيرد على حوض رسول الله ففي الحديث الصحيح عَنْ
كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: " خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ , خَمْسَةٌ وَأَرْبَعَةٌ , أَحَدُ
الْعَدَدَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ , وَالْآخَرُونَ مِنَ الْعَجَمِ , فَقَالَ: «إِنَّهُ
سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءٌ بَعْدِي , فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ
بِكَذِبِهِمْ , وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ,
وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ , وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ
يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي
وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الحَوْضِ» الحلية وسنن الترميذي صحيح بن
حبان رقم
279 – وهو حديث مشهور.
انطلاقا من هذه الأحاديث
وغيرها كون أهل بيت رسول الله نظرة عامة عن الطريق التي سوف يسلكونها اتجاه
تعاملهم مع السلطة الفاسدة التي ستفارق العمل بالقرآن، وتقود الأمة بدون الهدي
القرآني ولا النبوي وشكلوا نواة الفكر الإسلامي الحقيقي الذي أراد رسول الله من الأمة
أن تتبعه وتعمل به، بل وحث الأمة على التمسك بأهل بيته في هذا الصراع الطويل، لهذا
وردت ما يعرف بأحاديث التمسك بالعترة، والتي حملها الشيعة على غير ما جاءت من أجله،
بينما حملها أهل السنة على المحبة والمودة لفظيا، وإنما تلك الأحاديث جاءت لتدلنا
على أنه سيكون هنالك فراق بين السلطان والقرآن فتمسكوا بالفئة التي تكون مع القرآن
وجاهدوا معها واصبروا معها كما صبر الحواريون أصحاب عيسى عليه السلام.
لهذا سوف أسوق الأحاديث
التي تبين مصير وفضل العترة النبوية:
ما أورده الداني في كتاب
السنن الواردة في الفتن بسند رجاله ثقات:
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ
بْنِ أَبِي خَلَّادٍ، إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ الْجَعْدِ الْوَشَّاءُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمَّا
رَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ
وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قُلْتُ لَهُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا
نَكْرَهُهُ، فَقَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ
عَلَى الدُّنْيَا، إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءًا شَدِيدًا
وَتَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ
سُودٌ، فَيَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ،
فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ
مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَيَمْلَأَهَا قِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا فَمَنْ
أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ».
وهذا الحديث وصف لما سيحدث
لأهل البيت، وأن الله اختار لهم أن يكونوا كالحواريين يقتلون في سبيل الله وتكون
لهم الجنة على ذلك، وذكر لنا بلاءً يصيبهم وتشريدا وطردا من أرضهم الأصلية التي هي
الحجاز حتى ينفوا إلى أماكن أخرى، وهذا ما حدث إبان الحكم العباسي.
أما ما ذكر في فضلهم وبقائهم
مع القرآن وعدم افتراقهم فما ورد في حديث الثقلين المشهور 8092 السنن الكبرى
النسائي - باب فضل علي بن أبي طالب - بسنده رجاله ثقات:
"لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَنَزَلَ غَدِيرَ خُمٍّ أَمَرَ
بَدَوْحَاتٍ، فَقُمِمْنَ، ثُمَّ قَالَ: " كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ فَأَجَبْتُ،
إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخِرِ:
كِتَابَ اللهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي
فِيهِمَا؟ فَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ
" ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ مَوْلَايَ، وَأَنَا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ». والحديث
موجود في كتاب "مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي، ولفظه:
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَامَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطِيبًا فَحَمِدَ
اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ، وَإِنِّي
تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى
وَالنُّورُ، فَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَخُذُوا بِهِ "، فَحَثَّ
عَلَيْهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ
فِي أَهْلِ بَيْتِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».[تعليق المحقق] إسناده صحيح - سنن الدارمي
-.
ولفظ
هذا الحديث موجود في متون حديث أخرى ولسنا بصدد ذكرها لما يأخذ منا وقتا كثيرا، وإنما
أردنا ذكر الأحاديث لنبين أن العترة النبوية لن تفترق عن القرآن وإن السلطان سوف
يفترق عن،ه فجمع الأحاديث التي سبقت يوصلنا لنتيجة أنه ستكون فرقة بين الكتاب
والسلطان، وأن أهل بيت رسول الله سيكونون مع القرآن، وأن أصحاب أهل البيت سيكونون
ضد السلطان فيستحقون أن يلحقوا بهم على الحوض النبوي الشريف، ولنثبت هذا علينا أن
ننظر في تاريخ أشراف بني هاشم عبر التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق